"من أجل الحجاب فقط".. طالبان تلاحق الفتيات وتزج بهن في السجون

"من أجل الحجاب فقط".. طالبان تلاحق الفتيات وتزج بهن في السجون
وقفة تطالب بحماية الأفغان - أرشيف

اعتقلت حركة طالبان، خلال الأيام القليلة الماضية، عددًا من الفتيات من أحياء متفرقة في منطقة دشت برجي غرب العاصمة كابل، بتهمة "عدم ارتداء الحجاب"، وفق ما أفادت به شهادات متطابقة، الأربعاء. 

نُقلت المعتقلات إلى سجون خاصة تديرها "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ولا يزال مصير العديد منهن مجهولًا حتى اللحظة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.

أكدت مصادر محلية أن بعض العائلات تمكن من تحرير بناته بعد دفع مبالغ مالية كبيرة، شريطة توقيع تعهدات إجبارية تمنعهن من الخروج مستقبلاً دون الالتزام الصارم بلباس طالبان، كما تحظر أي حديث للإعلام أو المشاركة في أي شكل من أشكال النشاط العام.

خيّم جو من الرعب على شوارع دشت برجي، وهو الحي ذو الغالبية الشيعية والهزارة، والذي طالما شكّل بؤرة للأنشطة التعليمية والثقافية للفتيات. 

وباتت الأزقة مهجورة، والمحال مغلقة، وعدد النساء في الشوارع لا يكاد يُذكر، ومعظم من يظهرن يلتزمن بلباس يفرضه الخوف، لا القناعة.

أنواع مختلفة من القمع

مارست طالبان، على مدى السنوات والعقود الماضية، أنواعًا مختلفة من القمع بحق سكان هذه المنطقة التي كثيرًا ما تعرّضت لهجمات دامية استهدفت مدارسها، مراكزها الثقافية، ووسائل نقلها، ما أوقع مئات الضحايا، معظمهم من الفتيات والفتيان. 

واليوم، تعود الحركة لاستهداف الجسد الأنثوي؛ أداة للسيطرة السياسية والاجتماعية.

ورغم البطش المتكرر، نجح العديد من الفتيات في دشت برجي في تلقي التعليم، وشاركن في أنشطة رياضية وفنية سرية، من بينها دورات رسم ودروس تقوية، كانت تُنظم بعيدًا عن أعين طالبان.

لكن اتساع هذه المبادرات أغضب السلطات، التي بدأت بملاحقة المشاركات فيها، بل وتسليم جثث بعض المعتقلات إلى عائلاتهن دون تفسير أو تصريح رسمي.

اعتقال أثناء الذهاب للسوق

الضحية صایمة سخي، البالغة من العمر 18 عامًا، اعتُقلت أثناء ذهابها للتسوق برفقة شقيقتها الكبرى، كانت عائلتها تسكن في منزل متهدم وسط الحي. 

تحدثت شقيقتها الكبرى التي طلبت عدم الكشف عن اسمها بصوت مرتجف عن لحظة الاعتقال: "كنا نسير في شارع مزدحم، وفجأة بدأ عناصر طالبان باعتقال الفتيات، حاولنا الهروب، فدخلنا زقاقًا ضيقًا، التفتُّ، لكنها لم تكن خلفي، لم أجرؤ على العودة، انتظرتُها لساعات، لكنها لم تعد".

وأوضحت الشقيقة أن العائلة بحثت عنها لأيام، قبل أن تتلقى تأكيدًا باحتجازها، مضيفة: "دفعنا مبلغًا كبيرًا لإطلاق سراحها، وأجبروها على توقيع تعهد بعدم الخروج مجددًا. 

كانت شاحبة، صامتة، لم تذكر ما حدث لها في السجن، بعد أيام، انتحرت صایمة بتناول السم، تاركة رسالة لأختها قالت فيها: "أسوأ البشر على وجه الأرض هم طالبان، يجب أن يُنتقم لكل النساء منهم".

نرجس وهاب، فتاة أخرى سُلّم جثمانها إلى أهلها دون أي توضيح، كان الفقر مرسومًا على وجوه العائلة، لكن الخوف هو ما كمّم أفواههم، رفض والدها الحديث، لكنه قال بإيماءة مقتضبة: "إذا تكلمت، فبناتي الأخريات وابني سيُقتلون كما قُتلت نرجس".

أما والدتها، فجلست بصمت، وكلما تنهدت قالت: "أتمنى أن يتم الانتقام لابنتي منهم".

الحجاب ذريعة لقمع النساء

أوضحت منظمات حقوقية في تقارير سابقة أن طالبان تستخدم قضايا مثل الحجاب ذريعة لقمع النساء، وحرمانهن من التعليم والعمل والحياة العامة، وهو ما يتنافى مع التزامات أفغانستان في المعاهدات الدولية التي وقعت عليها سابقًا، والمتعلقة بحقوق المرأة وعدم التعرض للتعذيب أو الاعتقال التعسفي.

شهد يوم عاشوراء الأخير احتجاجًا نسويًا سلميًا نادرًا، حيث خرجت فتيات من دشت برجي للمطالبة بالحرية، والعمل، والتعليم، وتم عرض فيلم وثائقي يتناول مسيرة نضال، المرأة الأفغانية. 

لم تمرّ هذه المبادرة مرور الكرام، إذ ردت طالبان بترهيب شديد، شمل الاعتقالات، والمداهمات الليلية، والتهديدات للعائلات.

ما يحدث في دشت برجي ليس حدثًا عابرًا، بل يمثل حلقة جديدة من مسلسل طويل من انتهاكات حقوق الإنسان، بحق فتيات خرجن فقط لأنهن لم يرتدين الحجاب بالطريقة التي تراها طالبان مناسبة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية